الصحة العقلية لدى الأطفال المولودين لأشخاص يعانون من إضطرابات عقلية شديدة
إرشادات وتوجيهات الجمعية العالمية للطب النفسى بشأن حماية وتعزيز الصحة العقلية لدى الأطفال المولودين لأشخاص يعانون من إضطرابات عقلية شديدة
Ian Brockington1, Prabha Chandra2, Howard Dubowitz3, David Jones4, Suaad Moussa5, Juliet Nakku6, Isabel Quadros Ferre7
1Lower Brockington Farm, Bredenbury, Bromyard, Herefordshire, HR7 4TE, UK; 2National Institute of Mental Health and Neurological Sciences, Bangalore, India; 3Division of Child Protection and Center for Families, University of Maryland School of Medicine, Baltimore, MD 21201, USA; 4Department of Psychiatry, University of Oxford at Warneford Hospital, Oxford, OX3 7JX, UK; 5Faculty of Medicine, Cairo University, Egypt; 6Makerere University, Kampala, Uganda; 7Universidad del Valle, Bogotà, Colombia
تمت الترجمة العربية بواسطة الجمعية المصرية للطب النفسي:
ترجمة: أ.د. سعاد موسى مراجعة: أ.د. أحمد عكاشه، و أ.د. طارق عكاشه
هذه الإرشادات تُفسر احتياجات الأطفال ، وصفات الوالدية (الأبوة والأمومة) المؤهلة لتلبية هذه الإحتياجات . الإضطرابات العقلية الخاصة بالوالدين يمكنها أن تؤدى الى الإضرار بالجنين خلال فترة الحمل من خلال تعاطى العقاقير والأدوية الموصوفة طبيا او التي يساء استعمالها بدون إشراف طبي . الحمل والنفاس بإمكانهم أن يفاقموا أو يفجروا مرضا عقليا فى النساء الحساسة سريعة التأثر)الغير محصنين) . قد يعانى الأطفال بعد ميلادهم من عوائق أو أضرار إجتماعية مقترنة بالمرض العقلى الشديد . الوالدية (بحسب الاضطراب ومدى شدته وثباته) ربما يعانون بشكل متقطع أو متواصل من صعوبات فى كيفية تربية الأطفال)، والتي تؤدى في بعض الأحيان إلى اضطرابات نفسية للطفل أو سوء معاملة الطفل . هذه الإرشادات تأخذ بعين الإعتبار وسائل منع ، وتقليل ، وعلاج هذه التأثيرات . تشمل التوصيات: تثقيف الأطباء النفسانيين والمهن الأخرى المرتبطة بالمجال بشأن تأثير الإضطراب العقلى للوالدين على الطفل ، ومراجعة التدريب الطبى النفسى لرفع الوعى الخاص بالمرضى بوصفهم مقدمى رعاية والدية ، وإدراج تقييما وتدخلا مناسبا فيما يتصل بمعالجتهم وإعادة تأهيلهم ، والإستخدام الأمثل للعلاج الدوائى خلال فترة الحمل ، و تخطيط ماقبل الميلاد عندما تحمل النساء أصحاب الاضطرابات العقلية الشديدة ، وتطوير وتنمية الخدمات المتخصصة للنساء الحوامل فى مرحلة النفاس ، مع التقييم لكافئتهن ، والدعم المجتمعي لكيفية تربية الأبناء بواسطة أباء وأمهات يعانون من إضطرابات عقلية شديدة ، و معايير ومقاييس الممارسة الجيدة لمداواة سوء معاملة الطفل عندما يعانى الوالدين من المرض العقلى ، وأهمية عمل الفريق الجماعى المتعدد التخصصات لمساعدة هذه العائلات ، ومساندة أبنائهم وضمان حماية الطفل ، تطوير وتنمية خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين المقدمة فى جميع أنحاء العالم .
كلمات افتتاحية : (الوالدية) الأبوة والأمومة/ كيفية تربية الأطفال – المرض العقلى الشديد – علاقة الأم-الطفل – تعاطى العقاقير وإساءة إستخدامها – الإضطرابات العقلية للأطفال – سوء معاملة الطفل – خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين .
أكد ميثاق الأمم المتحدة بشأن حقوق الطفل(1) على أنه من أجل التطور والنمو المتناغم لشخصيته/ شخصيتها فإن الطفل ينبغى أن ينمو فى بيئة عائلية و فى مناخ من السعادة ، والحب والتفاهم . وعلى الدول اتخاذ التدابير الملائمة لحماية الطفل من كل أشكال العنف أو الأذى العقلى أو البدنى أو إساءة المعاملة أو الإستغلال ، بينما هو فى رعاية الوالدين أو أى أشخاص أخرى فوض أو عُهد اليهم بالرعاية . هذا الميثاق تم تبنيه من قبل الجمعية العامة بالأمم المتحدة فى نوفمبر عام 1989 ، وتم التصديق عليه من قبل 192 دولة من الأعضاء . أن موضوع الصحة العقلية لأطفال المصابين بمرض عقلى شديد أمر هام ليس فقط بسبب هذه التصريحات السلطوية القاطعة ، وإنما أيضا لان طموح الطب هو منع المرض ، وإيجاد إستراتيجية وقائية واعدة له مثل العمل مع مجموعات ذو تعرض عال للمخاطرة ، مثل أولئك الأطفال الغير محصنين.
يوُلدون وينشئون أغلب أولئك الأطفال في بلدان ذات دخل قومي منخفض ، و تعانى من قلة الموارد وأيضا فى بعض الحالات من قلة المعرفة الضرورية. توجد علاقة تناقضية بين معدلات الثروة والمواليد : فالبلدان في أوروبا وأمريكا الشمالية والأماكن الأخرى التي تتمتع بالأنظمة الصحية المتقدمة والإسهامات العلمية القوية فى هذا المجال ، لديها معدل أقل من 10 مليون مولود / السنة . إن اهتمامنا ليس فقط بتحسين الممارسة والأداء فى تلك البلدان ، وإنما أيضا وبالأخص أن نجد حلولا لتلك الدول التى يولد بها ال 125 مليون طفل الأخرين . لذا ، نحن نسعى الى التوصية بخدمات على أعلى المستويات لأولئك الذين يستطيعون تحمل ذلك ، وتوصية بتدخلات خلاقة بالنسبة للدول والأمم الأقل ثراءا وإزدهارا .
"الوالدية" وإحتياجات الطفل
إحتياجات الطفل التى لابد للوالدية أن تعالجها يمكن سردها كما يلى :
- الرعاية الأساسية (توفير المأوى ، التغذية ، الصحة والنظافة ، الكساء والرعاية الطبية ) .
- الأمن (الحماية من الأخطار ، بما فى ذلك الأشخاص الغير مأمونين) .
- توفير الدفئ العاطفى ، وبالتالى يشعر الطفل دون قيد أو شرط بأنه موضع التقدير والرعاية والأمان . هذا يشمل إدخال الطمأنينة، المدح ، و الرعاية الحنونة المحبة .
- تشجيع التعلم. هذا يتطلب إستجابات سريعة ومرتبطة بلغة الطفل وأسئلته ، ولعبه ، ودعمه في الدراسة ، وتعزيز الفرص الإجتماعية . ويعاوننا في ذلك تفهمنا لعالم الطفل الخاص ، طبعه او طبعها ومزاجيته /ها ،نقاط القوة والضعف ، وربما يتطلب مهارات خاصة على سبيل المثال فى التعامل مع العجز.
- الإرشاد ووضع حدود تتماشى مع السلوك المقبول ثقافيا ، بهدف تعزيز الطفل برعاية مشاعر الأخرين ، والنظام والقيم الأخلاقية الداخلية . ويمكن تحقيق ذلك من خلال الملاحظة والمراقبة (حماية الطفل من القدوة السيئة)، التدريب والتمرين، و المكافأة للسلوك الطيب الصادر من الطفل. والثبات على عدم تشجيع الأفعال الغير مقبولة ، مع تقديم نموذج للتحكم فى الغضب وحل الخلاف .
- قاعدة أسرية مستقرة للتعامل والإنخراط فى العالم الأوسع المحيط .
بالرغم من وجود تنوع كبير ، فإن هذه الإحتياجات تزداد في مراحل (تتوالى) منذ الميلاد وحتى سنوات المراهقة بادئة مع بداية الارتباط بمقدمي الرعاية الأولية فى العام الأول . و من خلال الأمن المقدم على هذا النحو ، فإن الطفل يحقق إستقلالية متزايدة بشكل تدريجى ، ويبدأ فى تطوير إحساس خاص بالنفس ، يدرك ويضبط الحالات الإنفعالية العاطفية ، ويكتشف حدود القوة الشخصية والهوية . فإن المهمة الهامة خلال مرحلة ما قبل المدرسة ، هي وجوب الاندماج في مجموعة من النظراء . أما في نهاية العقد الأول من عمر الطفل ، فإنه يبدأ فى تكوين تفضيلاته الشخصية ، وأن يأخذ المسؤلية ويكتسب إحساسا بالخطأ والصواب .أما فترة المراهقة فتتميز بالتطور النفسجنسى ونقلة تدريجياً ليصبح إنسان بالغ .
مصطلح " الوالدية" أو كيفية تربية الأبناء يغطى أنشطة الكبار " البالغين " التى تقابل إحتياجات الأطفال ، وترعى وتعزز من تطور الطفل الى شخص بالغ ناجح .ويصبح مصطلح الرعاية "Caregiving" فى بعض الأحيان هو المصطلح المفضل ، ليشمل الآباء بالتربية و التبنى وغيرهم مثل الجدود الذين لهم دور هام وجوهرى فى رعاية الأطفال . تربية الأبناء يمكن أن تعاق أو تُعكر بواسطة العديد من العوامل بخلاف المرض العقلي ، بما فى ذلك الفقر ، أو التعرض لاحداث مناوئة، والعنف العائلي، أو التفكك الأسرى . الجوار يمكن أن يكون عنيف أو محروم أو على النقيض ، ربما يكون لديه شبكات اجتماعية قوية متعاونة . كما توجد تأثيرات ثقافية ودينية مثل المواقف تجاه الخصوصية العائلية والتعاون ، والمسؤلية الإجتماعية ، والسلطة والعرقية . إن العنف ، والحرب والإضطهاد على مستوى قومى يقدم اكثر الظروف السلبية الغير مرغوب فيها بالنسبة للرعاية .
عوامل المخاطرة أثناء فترة الحمل
الوقاية والعلاج للإضطرابات العقلية فى المرأة الحامل
يتم وصف عقاقير وأدوية وقائية وعلاجية لأغلب المرضى أصحاب الذهان المزمن والعديدين من أصحاب المرض العقلى المتكرر او الدورى ، والعديد من النساء يصبحن حاملات أثناء تعاطي تلك الأدوية . بالرغم من أنه من الشائع النصح بتجنب تعاطى الأدوية أثناء الحمل، فان خطورة إيقافه غالبا تفوق مخاطره على الجنين . الحمل فى العادة لايمكن إكتشافه قبل 30 – 40 يوم من الحمل ، لذا فإن الأطفال الذين تحمل فيهن النساء المنتظمات على العلاج الدوائى معرضين لمخاطر التشوه الجنيني . ففي حالة أغلب العقاقير النفسية ، يكون هذا الخطر جدلى وضعيف . الا أن الفالبورات "Valproate" (ومن المحتمل أيضا الكاربامزبين "Carbamazepine") يمكن ان تسبب خللا بالقناة العصبية وصعوبات بالتعلم ، إن هذا الخطر يمكن تقليصه ، وليس القضاء عليه من خلال إستخدام حمض الفوليك .أما بالنسبة للعلاج بالجلسات الكهربائية فيمكن أن يعجل الم الولادة مبكرا ، ويمكن الوقاية من ذلك بواسطة عقار يمنع المخاض . كذلك لوحظ تسمم حديث الولادة و/ أو الإدمان في بعض الأطفال المعرضين الى الليثيوم ، مضادات الذهان "Antipsychotics" ، مضادات الإكتئاب "Antidepressants" و البنزوديازيبينات "Benzodiazepines" . أما المخاطر بالنسبة للأطفال الرضع قد تم المبالغة بشأنها (2) .
سوء استخدام (تعاطى) المخدرات "Substance Abuse"
نركز هنا على الإثانول "Ethanol" ، المخدرات "Narcotics" والكوكايين "Cocaine" والذين تم بحثهم ودراساتهم بشكل متكامل . الأطفال الرضع المعرضين لذلك يواجهوا العديد من العوامل السلبية : يعانى أبائهم في الغالب من اضطرابات عقلية (مثل إضطرابات الإكتئاب والبارانويا ) ، وفى الغالب يتعاطوا عقاقيراً أو مخدرات أخرى ، كذلك يعانون من مشكلات إجتماعية متعددة، مع الفقر ، والعديد منهم لا يبحث عن رعاية ماقبل الولادة . وقد يتأثر الأطفال بسوء تغذية الأم والعدوى مثل الالتهاب الكبدي، فيروس نقص المناعة HIV أو الأمراض التناسلية. إن مستوى جودة الرعاية فضلا عن درجة تأثير العقاقير المأخوذة قد يعطى تنبؤات ودلالات قوية للناتج النهائى .
تقترن الثلاث أنواع المذكورة من المخدرات بالمخاطرة المتزايدة الخاصة بقصر مدة الحمل وإنخفاض وزن الطفل المولود . بالإضافة لذلك ، بعض الأطفال الرضع المعرضين لذلك الخطر قد يكونوا صغارا للغاية بالقياس لعمر الحمل ، وقد يتضمن ذلك قصور المشيمة ، وليس التوقف المبكر للنمو داخل الرحم فحسب . وقد يؤدى ذلك في حد ذاته ، دون التعرض للعقاقير والمخدرات إلى خلل عصبي ، وتأخر لغوى محتمل وإضطرابات عاطفية (3).
نسرد هنا بعض النقاط البارزة لكل منهم، فالإيثانول المأخوذ بكميات مفرطة يمكن أن يكون ذا تأثير تشويهى أو مسخى للجنين ، محدثا زيادة عامة فى العيوب الخلقية . قد يكون هناك أيضا صغر بالرأس وتلف أو عطب دائم بالمخ ، متلازمة الجنين الكحولى "Foetal Alcohol Syndrome" هى سبب رئيسى فى التأخر العقلى . و جدير بالملاحظة في حاله إدمان المخدرات هو متلازمة الامتناع (الإنسحاب) "Withdrawal Syndrome" والتى لا ينفع متابعة الميثادون "Methadone Maintenance" . واحد مضاعفات إدمان الكوكايين هو انفصال المشيمة "Placental Abruption" . وقد تم دراسة التأثيرات الطويلة الأجل الخاصة بكل من الكوكايين والمواد الأفيونية ، ولكن دون الوصول الى إجماع فى الأراء على العجز المعرفى "Cognitive Deficits" او المشكلات السلوكية عندما يتم التحكم فى عنصر الحرمان الإجتماعى (4).
تأثيرات أخرى ضارة خلال فترة الحمل
هناك مزاعم بأن القلق الذى لا يصل إلى الحد الإكلينيكى ، أو الإكتئاب أو الكرب خلال الحمل يمكن أن يكون له أثاراً ممتدة على الطفل . يشمل فى ذلك مضاعفات الحمل، وليد مبتسر"Prematurity" ، وإنخفاض الوزن عند الولادة أو تأخر النمو داخل الرحم ، كرب الجنين أو حديثى الولادة "Foetal or Neonatal Distress"، تأخر نمائى ، الا أنه لايوجد إجماع حول هذه التأثيرات . من المرجح أن أفضل المزاعم المؤيدة هى أن القلق خلال الأشهر الثلاثة الثانية فى الحمل "Mid-Trimester Anxiety" تؤثر على الصحة العقلية فى منتصف الطفولة ، الا أن فحوصا وتحقيقات كهذه قد شابها العديد من العوامل المربكة . وفقط الدراسات الحزمية (Cohort) المعدة بصرامة بإمكانها إثبات وتقديم الدليل على هذه المزاعم .
العنف المنزلى خلال فترة الحمل يحمل خطر إصابة الجنين والوفاة . و يمكن أيضا أن يؤثر بشدة على سلوكيات و معنويات الأم .
إن العديد من مرات الحمل لا يوجد أي تخطيط لها ، إلا إن أغلب هذه الحالات حدثت فى توقيت خطأ أو غير مناسب، ولكنها مقبولة. وتبقى أقلية غير راغبة بإصرار. عدد حالات الحمل الغير مرحب بها تم تقليصها في البلدان التي تسمح بإنهاء الحمل ، وحتى مع ذلك يستمر الحمل فى بعض الاحيان حتى نهايتهه . الحمل الغير مرغوب فيه هو مشكلة ذات دلالة فى العديد من البلدان ذوات الدخل القومى المنخفض (5). فإن الأمر مرتبط بالخطر المتزايد من إنكار الحمل ، والإساءة أو ايذاء الجنين ، وقتل الرضع أو حديثى الولادة ، والإكتئاب ، وإضطرابات فى العلاقة بين الرضيع والأم وإضطرابات عاطفية لدى الأطفال . الدراسات الحزمية (Cohort) الخاصة بالحمل الغير مرغوب فيه والنتائج النفسية المترتبة على ذلك يجب أن يكون لها الأولية البحثية هامة .
اضطرابات الوالدية (الأبوة والأمومة) الناتجة عن الإضطرابات العقلية
من الممكن أن يتم الإخلال بالوظائف المعقدة الخاصة بالوالدية (الأبوة والأمومة) بنسبه كبيرة أو قليله فى كل أشكال الإضطرابات العقلية الخاصة بالوالدين . إنه ليس التشخيص بذاته الذى ينبعث منه الخطر ، ولكن حدة وإزمان الخلل النفسى بغض النظر عن التشخيص . ولذا من المهم التأكد من أن الدراسات التى تخص الوالدية (الأمومة والأبوة) فى عينات كبيرة تقر بوجود روابط احصائية . حيث يوجد الكثير من التنوع فى الباثولوجيا النفسية (شدتها ودوام بقائها) ، وفى شخصية كل مريض ، ومواجهته وظروفه الإجتماعية . إن العديد من الوالدين الذين يعانون من الإكتئاب ، القلق ، واضطرابات الأكل الشديدة ، وحتى أولئك الذين يعانون من الذهان قد يكونوا مقدمي رعاية ممتازين .
اضطرابات مختلفة لكل منها تأثيرها عبر طرق شائعة أو مشتركة :
- انشغال الوالدين : سواء كان ذلك في صورة قلق ، وساوس أو هواجس اجترارية غاضبة أو ضلالات ، قد تعيق اليقظة والاحتراس والإستعداد للاستجابة في الطفل ، وقد يُرى ذلك في اضطرابات القلق و الوساوس والاضطرابات التى يكثر فيها التبرم والشكوى بالإضافة الى الذهان أو أصحاب الإضطرابات الشخصية الغير مستقرة عاطفيا .وقد تحدث الغفلة أو الإهمال نتيجة الانخراط في النشاطات المرضية المستهلكة للوقت ، مثل الطقوس الوسواسية القهرية ، نوبات الاكل المفرطة أو تعاطي المخدرات وإساءة إستخدام العقاقير. وقد تؤثر بذلك على ملكة الإنتباه نفسها ، كما يحدث في اضطراب الاكتئاب . إذا كان هذا الإنسحاب الخاص بالإنتباه ممتد ومتكرر ، وضع حدود سوف يكون غير ثابت ، إن فقر البيئة ، قد يوقف الحافز للنمو الفكري .
- عدم (التواجد) العاطفي : يتدرج هذا الأمر في الحدة من تجنب الطفل بسبب فوبيا او رهاب مركز على الطفل "Child-Focused Phobia" او وساوس عن قتل الطفل الرضيع ، إلى الإنسحاب المتطرف الذى نراه فى الإكتئاب الشديد او الذهان.
- الغضب : يتضح هذا في الاكتئاب ، الذهان الحاد ، الهوس ، التسمم والإمتناع (الانسحاب) من المخدرات او الكحول . إن التهيج المفرط قد يجد له مخرجاً في الأطفال الذين يسهل الوصول إليهم أكثر من الأزواج أو الأقارب الأخرين . الغضب المرضى هو مظهر من مظاهر شدة إضطراب العلاقة بين الرضيع و الأم . العدوان يمكن أن يستهدف الطفل في شكل اضطرابات ضلالية . أما التهيج الإنفجارى هو مشكلة لبعض الناس أصحاب إضطرابات الشخصية .
- إضطراب السلوك: يمكن أن يكون الطفل عرضة للاندفاعية ، تقلبات المزاج المتطرفة ، التفوه بكلام غريب أو سلوك قائم على الضلالات . إستجابات عاطفية غير طبيعية ربما تشوش التفاعل . وهذا أمر محير ومخيف. إن التحول من العلاج داخل المؤسسات العلاجية إلى المجتمع في بعض الدول قد يعنى إن المزيد من الأطفال يتعرضوا للسلوك الذهانى عن قرب .
الوالدية (الأبوة أو ممارسة تربية الأبناء) يُمكن أن تتأثر بشكل غير مباشر بعوامل اخرى :
- الحرمان أو الفقدان "Deprivation" : المرض العقلى له إرتباط عام بالشدائد الإجتماعية (6) "Social Adversity" والتى يمكن أن تساهم فى تسببه ، أو تنتج عن المرض أو العجز أو عدم الكفاءة والأهلية الإجتماعية . على سبيل المثال ، الأمهات اللائى تعانين من الذهان المزمن (مرات الحمل والمواليد متشابهه مع النساء الأخريات) فى كثير من الأحيان عليهن أن يواجهن أو يتعاملن مع والدية منفردة (رعاية منفردة) ، يزيد على ذلك الخلاف الزوجي ، العنف الأسرى ، الفقر والتشرد بلا مأوى . إنهن عُرضة للتمييز فى المعاملة والإستغلال. وأكثر تعرضاً للاغتصاب ، ومواجهة العواقب مثل الإجهاض أو الامراض المنتقلة جنسيا . والكثير منهن حملوا حملا غير مرغوب به . وعدد أكبر تم عزلهن اجتماعيا ويفتقرن إلى المساعدة في تربية الأطفال. والعديدات تزوجن من شركاء ذوى إضطرابات عقلية . وربما يتعرض الأطفال لمخاطرة جينية ويكونوا أكثر عرضه لمشاكل سلوكية. هذه العوامل المرتبطة و المأخوذة بشكل منفرد أو معا (بدون إضافة الذهان الخاص بالأم) تضاعف وتزيد من مخاطر الإضطراب العقلى لدى الأطفال .
- الانفصال "Separation" : علاقة الطفل بالوالدين يمكن أن تنقطع بشدة من جراء إدخال أحد الوالدين الى المشفى للعلاج . وحتى مع العلاج الأمثل ، فإن هؤلاء الأباء يفقدوا الإتصال مع أطفالهم لفترات قد تطول أو تقصر ، وربما قد يؤثر هذا على الترابط والتعلق المفروض بينهما . وربما يصدم الأطفال لرؤية أبائهم وقد أُخذوا بعيدا عنهم أو أنهم يعيشون في المستشفيات للعلاج . وبالتالى سوف يتم الحاق الطفل فى أغلب الحالات لرعاية أحد الأقارب ، أو رعاية الأم البديلة ، ولذا فإنه / إنها سيتعرض لتربيات متعددة . أما فى الأحوال التى لا يوجد بها رعاية أطفال بديلة مقدمة من قبل الدولة ولا دعم من العائلة الممتدة ، فإن الوالدية (الأبوة أو تربية الأبناء) تصبح هنا غير كافية أو مناسبة . بالأضافة لذلك ، فإن النساء المرضى عقليا يخشون النزع الإجبارى لاطفالهم . والعديدات منهن في الواقع يفقدن الأطفال – الى الأزواج المبتعدين ، أو أقارب أخرى ، أو الرعاية البديلة أو التبنى – وهذا مصدر حزن ممتد (7). إن الخوف من فقدان الحضانة او الوصول للطفل يهيمن على التفاعل مع الصحة العقلية والخدمات الإجتماعية . النساء ربما يفشلن فى البحث عن المساعدة ، وقد يفشلن في كشف أنهن أمهات بسبب هذا الخوف .
- وصمة العار "Stigma": بسبب مرض أحد الوالدين أو كلاهما، فأن الطفل يكون معرضا للمضايقة والتهميش والنبذ. ويعانوا الآباء أيضا من وصمة العار التى قد تقود الى الإنعزال عن المجتمع مما يزيد من الضرر الناتج عن الخلفية الاجتماعية للطفل .
وقع وأثر بعض الإضطرابات االعقلية المعينة على ممارسة الوالدية (الأبوة وتربية الأبناء)
الذهان "Psychosis"
فإن تقديم الرعاية للأبناء غالبا ما يصبح متذبذب ومتقطع ، مع نوعية منخفضة من الحساسية والالتزام في حاله الآباء أصحاب الذهان المزمن (8). أما في حاله الآباء أصحاب الذهان الحاد المتكرر (بما فى ذلك نوبات مابعد الولادة فإن العلاقة الوالدية في الغالب تصير طبيعية بعد التعافى (9)، الا إذا كانت النوبات متكررة وممتدة .
الاكتئاب "Depression"
الاكتئاب هو الاضطراب العقلي الأكثر شيوعا ، وبالأخص فى النساء فى سن الإنجاب . هناك إهتمام كبير بشأن تأثيره على ممارسة الأمومة ، والعديد من الدراسات قامت بإستخدام إنماط وكيفيات متعددة للفحص والإستقصاء لفحص ودراسة تأثيرات الإكتئاب المختلفة على عملية تفاعل الأم مع الرضيع والتطور النمائى للطفل . مزاج الطفل وسلوكه ربما أيضا يؤثر على مزاج الأم ، مما ينتج عنه حلقة مفرغة . ومع ذلك فإن التأثيرات المعاكسة ليست عامة شاملة : بعض الأمهات التى تعانى من الإكتئاب يتم دعمهن من خلال عملية التفاعل مع أبنائهن (10).
تأثيرات الأكتئاب على ممارسة الوالدية (الأبوة وتربية الابناء) تشمل مايلى :
- الأباء الذين يعانون من الاكتئاب ينقلون الحزن والتشاؤمية . و يفتقدون الضحك والمرح، وفى الغالب سريعي الاهتياج وربما يظهروا عاطفة ، وحنان وإستجابة أقل. هذه التأثيرات الضارة لها أكبر وقع على الطفل ، لوجود اتصال وثيق ومستمر .
- فقدان الهمة الناتج عن الاكتئاب يقلل من الجهود التى يستطيع بذلها الوالدان . ربما يكون هناك تقليل فى الكم ، والكيف، والتنوع في التفاعل، التفكير الغير كفؤ، بالإضافة إلى الانشغالات المرضية الكئيبة ، فكل ذلك يقلل الانتباه و سعة الحيلة والتحكم .
- الإكتئاب (او الإضطرابات العلاقتية المصاحبة) يمكن أن تكون مرتبطة بالتأخر اللغوي و من خلال تأثيره الواسع يؤدى إلى قصور فى التعليم .
وقد يكون هناك أيضا تأثيرات على الصحة البدنية والنماء (11) . هناك تقارير متضاربة من البرازيل ، الهند ، إثيوبيا ، فيتنام ، باكستان وبيرو عن العلاقة والإرتباط بين الإكتئاب لدى الأمهات و انخفاض أوزان المواليد وسوء التغذية .
إضطرابات العلاقة بين الأم و الرضيع (إضطرابات االتعلق)
إن نمو العلاقة بين الأم و الرضيع يعتبر مفتاح العلاقة النفسية في النفاس. إنها العلاقة التى تتطور تدريجيا خلال الأسابيع الأولى بعد الولادة ، والتى تمكن الأمهات من بذل التضحيات ، والحفاظ على اليقظة أو الإحتراس ، وتكبد عناء رعاية أطفالهن . وتشارك المرضية في هذه العملية، حتى من قبل الميلاد. أما في الحمل المرفوض يمكن أن يُرى الجنين كمتطفل ، مما يؤدى للإساءة للجنين(12). أما بعد الميلاد ، فإن نقصا محبطا من المشاعر تجاه الطفل (وهو أمر شائع فى المراحل المبكرة) ربما في نسبة صغيرة قد يتقدم ويرتقى الى نفور وكراهية ورفض (13) . تحرم العدائية الأمومية الرضيع من حاجته الأساسية لعلاقات المحبة ، الأمر الذى يضعف بشدة من التفاعل ويقود فى النهاية الى الإساءة العاطفية . تستحث مطالب الرضيع بواعث عدوانية والتي عندما يتراجع التحكم فى النفس يمكن أن تؤدى الى الإساءة اللفظية والمعالجة القاسية الخشنة . إن هؤلاء الأطفال معرضين لخطر أكبر وأعلى لأساءة معاملتهم .
إضطرابات القلق
ربما تؤثر اضطرابات القلق على ممارسة الوالدية (الأبوة وتربية الأبناء) ، فالتطفل والتحكم المفرط والحماية المبالغ بها أحيانا مقترنة بنقص الدفْ و الاستجابة يمكن أن تحرم الأطفال من الفرص لإكتشاف والتأثير فى العالم المحيط . قد يقود ذلك إلى قلق الانفصال ، و الرفض المدرسى والقصور الإجتماعى .
إضطرابات الأكل
لو تقيدت الأم الحامل بكمية الطعام المتناول يوميا فإن الجنين سوف يعانى من خلل التغذية والنمو . سلوك بعض الأمهات القهامى أو النهامى يقود الى صراع عند حلول وقت تناول الطعام وأحيانا الى جوع مزمن ونمو ضعيف (14).
صعوبات التعلم(التأخر العقلى)
ممارسة الوالدية من قبل الأمهات أصحاب مشكلات أو صعوبات في التعلم (التأخر العقلي) قد أصبح أمرا له مزيدا من الأهمية ، بعد أن تحولوا من المؤسسات الى المجتمع . إنهن فى الغالب معزولات إجتماعيا ولديهن العديد من المشكلات الأخرى . أطفالهن ربما يكونوا فى خطر متزايد من إساءة المعاملة والأهمال ، ولكن هناك قلة من المعلومات حول ممارسة الوالدية من قبل أشخاص كهؤلاء .
الأذى والضرر الحاصل للأطفال الناتج عن الإضطرابات العقلية لدى الوالدين
الاضطرابات النفسية و العقلية فى مرحلة الطفولة
الأطفال المولدين لاباء أصحاب إضطرابات عقلية شديدة هم أكثر عرضة لمخاطر الإصابة بالإضطراب النفسى ، ليس فقط بسبب المشكلات المتعلقة بالوالدية ، وإنما أيضا بسبب أنهم قد يشاركوهم في الاستعداد الوراثي ، ويكونوا معرضين الى قائمة من العوامل الخلفية المرتبطة بالمرض العقلى الوالدي . يشمل هذا مضاعفات الولادة السابقة ، الحرمان والإفتقار الى الدعم الإجتماعى ، الخلاف الزوجى والحياة الأسرية الفوضوية . إنهم أكثر قابلية للتعرض الى الإستغلال . يوجد هناك تأثير تبادلى لسلوك الطفل المتحدى مما يستفز عدائية الوالدين . على الجانب الأخر ، يمكن أن تعمل العوامل الوقائية الحمائية ، مثل مرونة الطفل أو التأثير النافع لشريك أو عضو أخر بالعائلة يكون سليماً صحياً .
صحة الطفل العقلية وأهليته الإجتماعية يمكن التنبؤ بهما على أفضل وجه من خلال عدة سياقات للمخاطر ، تكون أقل بواسطة متغيرات المرض وأقل أكثر من خلال التشخيص القاطع . يعتقد على نطاق واسع أن العلاقة بين الوالدين و الطفل المفتقرة الى الرعاية والمميزة بالإنضباط القاسي وبالأخص سوء المعاملة من العوامل الهامة في الناتج الإدراكي/المعرفي ، والسلوكية والعاطفية الضعيفة للطفل . إن التركيز بشأن الوالدية وممارسة التربية يقدم فرصا ممتازة للتدخل .
إن بعض الأشكال والصيغ المبكرة الخاصة باضطراب الرضيع أو الطفل يمكن بثقة ردها الى الوالدية وممارسة التربية . وقد تشمل حالات الخوف التى توجد فى الإساءة أو الإنتهاك الشديد . هؤلاء الأطفال لديهم ندبات سلوكية : لامبالاة الى حد الخدر او الغيبوبة ، البكاء فقط فى الحالات القصوى ، الإفتقار الى المقدرة على التعبير والنطق ، الوعى البصرى المفرط . (الترقب اليقظ المتجمد) (15)
واحد المظاهر المبكرة هو الأسى الملاحظ لدى الرضع لأمهات تعاني من الإكتئاب . فالرضيع يلعب دورا هاما فى تطور العلاقة بين مقدم الرعاية له / لها ، مساهما فى حوار من خلال التحديق ، الإبتسام ، الضحك والثرثرة .
إن اضطرابات التعلق والارتباط يمكن أن تتم ملاحظتها في نهاية العام الأول. التعلق الآمن المكفول يمكن أن يدل على قابلية متينة لتكوين العلاقات ، متكهنا بالشعبية والقبول بين النظراء، والتي بدورها تعزز الأشكال الأخرى الخاصة بالكفاءة الإجتماعية .إن التعلق أو الارتباط الغير منظم أو المشوش يمكن أن يكون راجعا إلى والدية قائمة على الإهمال والتجاهل والإساءة . إن اضطراب التعلق التفاعلي الخاص بالرضع والطفولة الباكرة هو إضطراب إكلينيكى يمكن أن يُرى فى السنوات الخمس الأولى ويتسم بشذوذ مستديم في النمط الذي يقيم به الطفل علاقاته الاجتماعية مع الاقران وغيرهم . و يوجد نوعا اخر مقترنا بالتربية المؤسسية و هو إضطراب التعلق غير المثبط و يتسم بالإختلاطية الإجتماعية الغير انتقائية.
فى الطفولة المتأخرة يمكن أن يكون هناك متلازمات "خارجية " (اضطرابات فرط الحركة ، و اضطراب التصرف (المسلك) واضطراب التحدى المعارض). الإدعاءات أو المزاعم التى تقول أن الوالدية متورطة فى نشوء إضطراب نقص الإنتباه / فرط الحركة "ADHD" هى مزاعم خلافية مثيرة للجدل ، الا أن الاطفال المعرضين الى إساءة إستخدام العقاقير و إدمان المخدرات او يعانوا من إساءة المعاملة يمكن أن يكونوا فى خطر أعلى . إن إضطراب التصرف ، وعدم الطاعة فى العقد الأول ، يتدرج إلى انتهاك القانون فى المراهقة ، وسمات معاداة المجتمع وارتكاب جرائم عند البالغين .
بالرغم من أن هناك عوامل تنافسية سببية (بمافى ذلك وراثية) فإن الكثير من البحوث وجدت ارتباطا خاصاً بين هذه الإضطرابات و الوالدية (16). والأسلوب الأكثر ارتباطا بوضوح هو السلوك الإستبدادى : والدية قاسية وصارمة ، ومناخ من النقد والعدائية يقود الى حلقة مفرغة من سوء السلوك والعقاب (17). إن عدوانية الطفل هي أمر مكتسب من الأباء . إنها تصبح جزءا من نسيج عوامل المخاطرة المؤدية الى مزيد من العيوب والمساؤى الإجتماعية ، مستحثة ردود أفعال سلبية ، ومستوى انجاز متدني ومشكلات في العلاقات الاجتماعية والوالدية المستقبلية ، وإضطرابات المزاج والإفراط فى تناول العقاقير و المخدرات ، بالإضافة الى إرتكاب الجريمة .
من الممكن أن تكون هناك أيضا متلازمات "داخلية" ، مثل القلق والإكتئاب . إن تشخيص متلازمة خاصة بالإكتئاب يمكن أن يتم التعرف عليها فى الطفولة المتأخرة . فهناك أدلة كثيرة لتزايد الإكتئاب والإنتحار التظاهرى "Parasuicide" لدى المراهقين فى ذرية الأباء المرضى عقليا . الإكتئاب الوالدى له العديد من المساوئ والعيوب بالنسبة للأطفال ، والتى تشمل مشكلات فى تقدير الذات والعلاقات مع النظراء والاقران . وقد يكون هذا متصلا بعوامل مخاطرة مرتبطة بالعائلة " مثل الخلاف الزوجى و الخلاف بين الطفل و الوالدين بالإضافة إلى/ أو اكتئاب الأم نفسها (18). هناك أبحاث موسعة حول تأثير القلق الوالدى على تطور القلق المرضى لدى الأطفال . إنتقال القلق عبر الأجيال هو فى أحد شقيه أمر وراثى وبشكل أخر يتم خلال النموذجية والحماية المفرطة .
إن إدمان المخدرات في سنوات المراهقة ، يصبح شائعا ومنتشرا بين المراهقين الأكثر قابلية للتعرض لذلك ، يزيد في أطفال المدمنين . العوامل الوراثية الجينية يمكن بشكل جزئى أن تشرح الإرتباط ، الا أن الدراسات الطولية قد أظهرت أن الوالدية أيضا أمر مهم ، من خلال التهذيب و التأديب الغير فعال ، ونقص المراقبة والتتبع ، والمستويات المنخفضة من الدعم والمساندة المقدمة للأبناء في هذا العمر ، والخلاف بين طرفى العلاقة الأبناء – الأباء والتعلم عن طريق المثل .
سوء معاملة الطفل
الضرر البدني (الاعتداء البدني) على الطفل
الإعتداء البدنى على الطفل يمكن أن يكون بالأخص مرتبطا بالشخصيات العدوانية ، ولكن أيضا يمكنه أن يكون مرتبطا بمرضى الذهان (19) و الكحولية (20 ، 21) والإكتئاب(20-22) .
إهمال الطفل
إهمال الطفل يتم تعريفه بوصفه الفشل المتواصل لمواجهة إحتياجات الطفل وحقوقه الأساسية، مسفرا عن اختلال خطير للصحة أو التطور . وربما يكون إحدى مضاعفات الاكتئاب الشديد ، والذهان ، وإدمان المخدرات .
الإهمال هو ظاهرة متنوعة غير متجانسة ذات مظاهر متعددة مختلفة ، بما فى ذلك الفشل فى منع المعاناة أو البحث عن الرعاية الطبية او العقلية ، الافتقار إلى الكساء ، الإفتقار الى الملاحظة والمراقبة ، ترك الطفل مع مقدمى رعاية غير مأمونين أو تعمد الحرمان من التعليم أو الفرص الإجتماعية . إنه لمن المهم تمييز ذلك من العواقب التى لايمكن تجنبها الخاصة بالفقر : الأطفال فى العائلات الفقيرة ذات الوالدية الواحدة و التي تواجه العديد من المشكلات الإجتماعية يمكن أن يتم تجاهلهم وإهمالهم برغم أفضل جهود الوالدين . هذا ينطبق أيضا على التغذية : " الفشل فى الإنماء " لايجب أن يؤول نسبته إلى الإهمال في غياب دليل إيجابى . مع ذلك ، فإن الأمثلة والنماذج القصوى ، مثل الإهمال العام الشديد والموت من التجويع المتعمد ، ومتلازمة قزامة الحرمان "Deprivation Dwarfism" تظهر أن الاهمال يمكن أن يتضمن التغذية .
الإهمال و الضرر (الاعتداء) العاطفي
إساءة معاملة الطفل عاطفيا هى مظهر من مظاهر الإضطراب الشديد فى العلاقة بين الطفل و الوالد . " الإهمال العاطفى " يعنى أن الأمهات عاطفيا بعيدات وغير مستجيبات لاحتياجات الطفل للراحة والمساعدة . " أما الاعتداء أو الضرر العاطفي " يشمل التقليل الدائم والإهانة والإذلال ، التعليقات العدائية أو النقدية أو التهكمية اللاذعة ، التى تنقل للطفل أنه عديم القيمة وغير محبوب ، إن جعل الطفل كبش الفداء ، أو عزله ، أو تجاهله أو استغلاله أو ارهاب الطفل ، مثل تهديده بالإنتحار أو الهجر(27) . التعرض الى العنف الأسرى يمكن أن يُوضع تحت هذا البند . إن إساءة معاملة الطفل عاطفيا يمكن أن تكون عامل خطر أكثر قوة بالنسبة لسوء التأقلم اللاحق عن أى شكل أخر للإعتداء (28).
متلازمة مانشهاوزين بالوكالة "Munchausen Syndrome by Proxy "
هذا المصطلح يغطى مقدمى الرعاية الذين يُحدثوا أو يختلقوا المرض فى أطفالهم(29) . و تشمل اختلاق أو محاكاة أعراض وأحداث متعمدة للمرض بأفعال مثل تسميم، أو خنق أو إصابة أطفالهم الرضع .
موت الطفل
هذا الأمر ينقسم عادة الى قتل الأطفال حديثى الولادة "Neonaticide" و القتل الوالدى لطفل أكبر فى السن "Filicide" . فى الحالة الأولى ، فإنه لا يكون هناك فى العادة أى مرض عقلى رسمى (تقليدي) ، وإنما بالاحرى أزمة عاطفية تتميز بالذعر أو الغضب ، ولكن أشكال وصور عدة لاختلال الوعى يمكن أن تحدث خلال مخاض الولادة (30). ولايمكن إستبعادها فى الولادات الفردية . أما الحالة الثانية "Filicide" هى حالة نادرة ، الا أنها تشغل إهتماما عاما كبيرا . إنها مرتبطة غالبا بالمرض العقلى ، وبالأخص الإكتئاب المفضى الى الإنتحار ، ولكن أيضا بالأوهام التى تشمل الطفل ، والإضطرابات الشديدة الخاصة بالعلاقة بين الطفل والأم ، وأحيانا الذهان الحاد ،أو الهلاوس الآمرة ، الهذيان أو حالات الغيبة (31). وربما يخشى البعض ذكر هذا الارتباط الخاص بالاضطراب العقلي لأنه سوف يزيد وصمة المرض ، الا أننا نعتقد أن الإستراتيجية المثلى هى إدراك الخطر واتخاذ الخطوات اللازمة لتقليله .
تعزيز الصحة فى الأطفال الأكثر قابلية للخطر
الممارسة الإكلينيكية فى طبنفس البالغين
تصنيفات التشخيص
يجب على المسؤلين عن إصدار "ICD-11" و "DSM-V" عند صياغة أنظمتهم المتعددة الأبعاد ، أن تحتوى كود إجباري للعوامل السياقية الهامة . احد هذه المحددات المقترحة هو "بدء ارتباط المرض العقلي بالإنجاب ". إننا نقترح أن السياق الوالدى (الرعاية الحالية لطفل تحت سن 18 سنة ) ينبغى أن يكون محدد أخر .
التقييم الإكلينكى
يذكر ميثاق الأمم المتحدة بشأن حقوق الطفل (1) أن الأمم والدول لابد وأن تقدم رعاية صحية وقائية وإرشاد للأباء . الممارسة الحالية فى الطب النفسى للراشدين أقل بكثير من هذه المتطلبات . ففى أغلب الاحيان لا يتم الانتباه لحالة الطفل أو حتى وجوده . أطباء النفس لابد أن يكون لديهم الوعى والدراية بأن العديد من المرضى هم أباء وأن أطفالهم معرضين لمخاطر متزايدة للأصابة بالمشكلات النفسية . الأطباء لابد أن يكيفوا التاريخ النفسى القياسى ليشمل أسئلة بشأن الوالدية ، الزواج والحياة العائلية . هذه الأشياء لابد وأن يتم إشمالها فى برامج التدريب العمومى الخاص بممارسي الصحة العقلية .
و نقترح ، كمسار تمهيدي ، " هل أنت تعتنى بالطفل ؟ " يتبعه السؤال " كيف تتدبر الامور كوالد ؟" " هل لديك أى قلق بشأن الرعاية التى تقدمها ل " أسم الطفل " ؟ . فى حالة هؤلاء الذين لديهم مسؤليات العناية بالطفل لابد أن يكون هناك ملخص او موجز لتقييم الوالدية ، كما تم إيضاحة فى الجدول (1) . قد يأخذ هذا بعض الوقت ، ولكنه يعد الأساس من أجل الدعم الأسرى والتدخلات .
اماكن الزيارة فى المستشفيات
خلال فترة الحجز بالمستشفى لابد و أن يتم توفير اماكن تصلح للأطفال حين قدومهم لزيارة ذويهم ، مع حمايتهم من التفاعل مع المرضى الأخرين . الوالد المريض ربما يحتاج لمساعدة فى شرح طبيعه مرضه للأطفال.
التخطيط للخروج من المستشفى واعادة التأهيل
لابد أن يشمل هذا تعليم الوالدين بشأن تطور ونماء الطفل وكيفية إدارة المشكلات الوالدية، بعد الخروج من المستشفى ، وان امكن بالتعاون مع الخدمات الإجتماعية، فإن الخطط لابد وأن تجرى من أجل دعم الوالدية لأمد طويل أثناء تواجدهم في المجتمع . قد يشمل هذا فترة راحة للأباء وفرص ترفيه للأطفال .لابد من مراقبة حالة العائلة من أجل استباق أي كارثة قد تتطلب نقل الطفل. ميثاق الأمم المتحدة يلفت الإنتباه الى الحاجة إلى تخطيط أسرى . عندما يكون ذلك في صالح العائلة ، إن هذه النصيحة ينبغى أن تصير جزءا روتينيا من الممارسة الإكلينيكية، وجداول التقييم الوالدى الموجزة ، والبرامج العلاجية هى موضع البحث فى المستقبل . والحالة القصيرة في الجدول رقم (2) توضح كيفية إدارة فشل الوالدية بواسطة مركز خدمة مزدحم بالهند .
تخطيط ما قبل الميلاد
عندما تصبح إمرأة تعانى من مرض عقلى شديد حاملا ، فان التواصل بين المسئولين عن الصحة العقلية و التوليد والخدمات المقترنة الأخرى يصبح ضروريا . إذا كانت المسافة والموارد تسمح ، فإن إجتماع متعدد التخصصات للتخطيط لما قبل الولادة لابد وأن يُعقد باسرع ما يمكن ، لتبادل المعلومات وتنسيق الجهود . سبب العجالة هو أن الفترة الزمنية بين تشخيص الحمل (والذى قد يكون متأخرا) والولادة (والذي قد يكون مبكراً أو سابقاُ لأوانه) قد تكون قصيرة . الإجتماع لابد وأن يشمل الممارس العام ، ممثل لفريق التوليد ، أعضاء فريق الصحة العقلية ، ولو أمكن الأم الحامل نفسها . وإنه من المفيد أن يشمل زوج المريضة (أو والد الطفل) وعضو أخر من العائلة . هناك العديد من القضايا التى يجب التعامل معها : العلاج الدوائى ، رعاية ماقبل الولادة ، العلامات المبكرة للإنتكاس ، إدارة مرحلة النفاس ورعاية الرضيع . و من المهم والضرورى أن يتم تنبيه فريق الصحة العقلية بمجرد دخول الأم الى غرفة الولادة . فالأم سوف تحتاج الى دعم ومساندة إضافية فى تربية الطفل ، وربما يحتاج الأمر الى مشاركة فريق حماية الطفل . إن الإحالة إلى خدمة طبية نفسية مخصصة للحوامل والنساء فى مرحلة النفاس قد تكون مجدية وعملية .
وقد يوصى بتخطيط مشابه لمرحلة ما قبل الحمل عندما يكون رجل أو إمرأة من أصحاب الأمراض العقلية في سبيل اتخاذ قرار تكوين أسرة .
الخدمات المتخصصة
طب نفس الأم و الرضيع
ينص ميثاق الأمم المتحدة على أن الدول ينبغي أن تضمن أو تكفل الرعاية الصحية المناسبة لماقبل وبعد الولادة . خدمات الأم و الرضيع (فترة ماحول الولادة) سواء بوصفها فرع من طب نفس الأطفال أو كتخصص فرعى لطب نفس البالغين ، وقد تطورت هذه الحزمة في بعض البلدان ذات الدخل القومى المرتفع ، وأيضا فى كلا من الهند وسريلانكا حيث يكون بإمكانهم خدمة قطاع عريض من السكان ، فتعالج الأمراض الشديدة والمستعصية ، وتدريب الفريق العامل ، وتطوير الخدمات وإجراء البحوث . قد تشمل خدماتهم عيادات خارجية للمرضى ، مستشفيات نهارية ، اقامة داخل المستشفيات ، الخدمة المجتمعية ، الطب الوصلى النفسى مع فريق طب الولادة ، الروابط مع خدمات أخرى والوكالات التطوعية ، والخبرة الطبية – القانونية . جوهر أو لب الخدمة هو فريق إختصاصى متعدد التخصصات ، مقدما الرعاية للأم المريضة عقليا ولطفلها و هو مصدر مفتاحي بغض النظر عن الخلفية الثقافية والموارد المتاحة . هناك حاجة للبحث فى مردودية هذه الخدمات " المتطورة " عالية الكلفة .
إن تقييم وإدارة العلاقات المضطربة بين الأم و الرضيع تعتبر أحد المهارات التي تمارسها هذه الفرق المتخصصة. فى كل الأمهات المنجبات حديثا الذين يعانون من أعراض ، فإنه من الضرورى أن يتم كشف وفحص هذه العلاقة ، واضعين فى الإعتبار أن الشعور بالعار أو الخوف من الكشف عن المشكلات سوف يقود الى تدخل وكالات حماية الطفل مما قد يؤدى إلى الإخفاء . لابد أن تُستخدم إستبارات لبقة معينة: " هل سبق أن شعرت بالإحباط فى مشاعرك تجاه (أسم الطفل) ؟ " أو " كم إستغرقت من الوقت للشعور بالقرب من طفلك ؟" . إذا كان هناك أى مؤشر لأية مشاعر سلبية تجاه الطفل ، يتم إسكتشاف ذلك و ايضا مظاهر الغضب : " ماهو أسوأ شئ شعرت بأنك تريد فعله ؟ " " هل سبق وأن فقدت التحكم ؟" " ماهى أسوأ الأشياء التى قمت بفعلها لطفلك ؟" . بالنسبة للأمهات التى يكون كراهيتها ونفورها قويا بالشكل الكافي إلى الدرجة التي تهدد صحة وأمان الرضيع ، فإن التدخل يعتبر أمرا ضروريا . المعالجة البارعة تحقق غالبا علاقة طبيعية بين الأم ورضيعها .
الخدمات المقدمة للسيدات الحوامل متعاطيات المخدرات
على كل أعضاء المجتمع أن يتفهموا أن شرب الكحول وإدمان المخدرات يمكن أن يكون لها عواقباً وخيمة وبالأخص أثناء فترة الحمل. الأطباء الممارسين والقابلات لابد أن يقدموا المشورة للنساء اللاتى يخططن للحمل ، أو بالفعل حاملات ناصحين إياهم بالإمتناع والتوقف أثناء فترة الحمل ، لابد أن يتم تدريبهم على تقييم التعاطى أثناء الحمل . فى الكحولية تكون قضية التعرف على أثار الكحول على الجنين . فى أدمان المخدرات فإن تقليل تعرض الجنين هو الهدف المنشود . العقاقير أو المخدرات الاخرى التي يساء تعاطيها لابد ان يتم سحبها تدريجيا . السحب الكامل من المواد الأفيونية ، أو بإستخدام عامل مضاد كالنالوكسون "Naloxone" يمكن أن يتسبب فى متلازمة الإمتناع الجنينية "Foetal Abstinence Syndrome" . وقد يكون استبدال الهيروين بجرعات معتدلة من الميثادون "Methadone" او البوبرينورفين "Buprenorphine" هو الخيار الأمثل ، حيث يقل تأخر النمو داخل الرحم ومضاعفات فترة ماحول الولادة .
المدمنات الحوامل يحتجن إلى رعاية مكثفة لحالتهن بعد الولادة ، فإن تعاطيا غير مشكوك فيه يمكن أن يتم كشفه عبر العلامات والدلائل فى الدم ، الشعر ، البول ، أو أنسجة من الصرة . ينبغى أن يتم حجز الرضع فى المستشفى لوقت كافى لمعالجة التسمم أو أعراض الإنسحاب . التدخل المبكر يمكن أن يخفف الأثار الثانوية ، ويحسن معرفة القراءة والكتابة (التعلم) والسلوك . توجد هناك القليل من الخدمات المتخصصة ذات التخصصات المتعددة للتشخيص والعلاج(32)، ويجدر استكشاف مدى فاعليتهم قبل نشرهم على نطاق عالمى .
حماية الطفل
ينص ميثاق الأمم المتحدة على أن حماية الطفل لابد وأن تشمل برامج لدعم الطفل ومقدمى العنايه له / لها ، بالإضافة الى تحديد ، و التعرف على ، و فحص ، و معالجة وتتبع ومنع إساءة معاملة الطفل . فى كل الأفعال التى تخص الطفل ، سواء التى تضطلع بها السلطات الإدارية او الهيئات التشريعية ، فإن المصالح المثلى للطفل لابد أن تكون هى الأهم والأعلى والأساسي، وليس الحفاظ على الأسرة ، فإن رفاهية وسعادة الطفل تتفوق على حقوق الوالدين ، حتى ولو كان نزعه / نزعها قد يفاقم من المرض العقلى الوالدى .
على الدول ان تمرر القوانين التى تحدد المسؤولية ، وتنص على الإجراءات الخاصة بالفحص والعلاج ، بما فى ذلك الحماية فى حالات الطوارئ والضرورة . يحتاج ممارسي الصحة العقلية أن يفهموا القانون والإجراءات المطبقة بالبلد التى يعملوا بداخلها .
حماية الطفل تتطلب تحالف العديد من المؤسسات الإجتماعية المعنية :
- الأسرة الممتدة : يؤكد الميثاق على الدور الأساسى والجوهرى الذى تلعبه الأسرة أو العائلة ، بوصفها البيئة الطبيعية لنمو ورفاهة الأطفال . مشاركة وأنخراط الأب الفعالة النشطة هى أمر ذو قيمة كبيرة . الأقرباء ، والجدات هم فى الغالب المصدر الرئيسى للدعم والمساندة ، إنهم فى الواقع المصدر الوحيد فى بعض البلدان .
- فرق حماية الطفل ذات التخصصات المتعددة هى الدعامة الأساسية فى البلدان ذات الدخول المرتفعة .
- بالتحالف مع هذه الفرق ، أو كبديل ، فإن الجيرة ، المدرسة والوكالات التطوعية والمؤسسات الدينية يمكنها أن تدعم الأسر والعائلات ، وتبلغ عن إساءة المعاملة وتعزز من الفرص الإجتماعية والشبكات الغير رسمية .
- الأماكن البديلة هي الملجأ للأطفال الذين لايستطيعون بأمان أن يتم تربيتهم بواسطة أبائهم البيولوجيين . يشمل ذلك التبنى من الغير ، حضانة الأطفال ، والعديد من أشكال الرعاية المؤسسية .
- معالجة إساءة المعاملة
التشخيص المبكر، التقييم ومعالجة إساءة المعاملة المشتبه بها تم تلخيصها بمكان أخر (33). عندما تكون إساءة المعاملة مرتبطة بالإضطراب العقلى الشديد ، فإنها تقدم عنصرا إضافيا من التعقيد . نحن نأخذ حاله مانشهاوزن بالوكالة كمثال ، فى هذه الحالة فإن شدة الإضطراب النفسى الوالدى يضع حق الطفل فى الحماية فى صراع مع حق الأسرة فى الخصوصية ، والعلاقات الطبيعية بين الطبيب/ المريض والسرية الطبية . الفحص قد يشمل مراجعة التاريخ الطبى للمريض (بمساعدة الممارس العام) ، زيارة منزلية غير مخططة ، مراقبة سرية (بعد مشاورات موسعة) ، وإقصاء الوالد عن رعاية الطفل . عندما يتم تقرير التشخيص ، فإن مقابلة مع الأباء هى أمر حاسم : على الطبيب المعالج أن يوضح أنه / أنها يعرف ما قد كان يحدث ، يشرح الضرر الواقع على الطفل ، ويؤكد لهم أنه / أنها سوف يساعدهم و كذلك الطفل .
إن العلاج الأمن الوحيد في الغالب هو نزع الأطفال المساء معاملتهم. التخلى القسرى أو القهرى هو واحد من أكثر الأحداث الصادمة التي يمكن أن تمر بها أى أم ، وتحديدا لو كان هذا ناتج عن مرض عقلى قابل للعلاج . ربما يكون الأمر محزنا وموجعا بالنسبة للطفل أيضا . الأماكن البديلة لها أيضا مخاطرها: عزلة ووحدة وبؤس للأطفال في دور الأيتام و المستشفيات تمت ملاحظتها منذ فترة زمنية. إن أماكن الحضانة أو الرعاية في الغالب ذات الفائدة الكبرى ، قد تفشل في بعض الأحيان مما يقود إلى مزيد من التمزق .
تم الاضطلاع علي الكثير من البحوث حول منع إساءة معاملة الأطفال ، من خلال التعليم العام والتدخل الوقائى الإستباقى فى مجموعات الخطورة العالية (34) (35) ولكنه يقع خارج نطاق هذه المبادئ التوجيهية إلا بقدر في بعض الاضطرابات العقلية الشديدة (وبالأخص البيئة المجتمعية المرتبطة بهم) التى تمثل عوامل مخاطرة .
الموارد المتاحة عالميا
لقد بحثنا عن المعلومات بشأن الموارد المتاحة لحماية الطفل فى البلدان التى يتمركز بها أغلبية أطفال العالم . إستفدنا من سلسلة من التقارير التى حصلنا عليها من قبل احد مراسلينا من 19 دولة . ألحقنا بهذا وأستكملناه بخطابات مرسلة الى الزملاء تسأل عن القوانين ، الدعم السياسى والعام (الجمهور) ، السجلات الوطنية ، الإبلاغ والتقرير ، فرق حماية الأطفال ، التدريب ، الخدمات الإجتماعية ، والوكالات الأخرى المكرسة خصيصا لحماية الطفل . لقد حصلنا على إجابات من ستة دول بأفريقيا وهم : (إثيوبيا – كينيا – موزامبيق – نيجيريا – تنزانيا – وأوغندا ) وثلاث دول فى جنوب شرق أسيا وهم : ( الهند – باكستان – والفليبين ) ودولتين فى الشرق الأوسط وهم : ( مصر وتركيا ) وثلاث دول فى جنوب ووسط قارة أمريكا وهم : (الأرجنتين – البرازيل – المكسيك ) بالإضافة الى العديد من الدول أصحاب الدخول المرتفعة .وقد أسفر ذلك عن تقسيمها إلى من أربع مجموعات عريضة :
- المجموعة الأولى : تتكون من الدول الثرية ، ذوات الأساليب والترتيبات القانونية المختلفة ، الأ ان كل شئ متاح – على سبيل المثال: كندا التي قدمت مساهمات كبرى للبحث حول قضية إساءة معاملة الأطفال .
- المجموعة الثانية : تتكون من دول مثل تركيا وتايوان والتى قد تكون بدأت متأخرا الا انها تحقق بالفعل خطوات تجاه الخدمة الفعالة . تركيا ، على سبيل المثال لديها على الأقل 14 فريق لحماية الأطفال .
- المجموعة الثالثة : تتكون من بلدان مثل الهند وأوغندا ، المحملة بأعداد كبيرة من الأطفال ، مبدعة الا أنها تفتقر الى الموارد ، و تكافح من أجل إنشاء وحدات رائدة .
- المجموعة الرابعة : تتكون من بلدان التى تعد باكستان مثلا لها ، حيث مشكلة إساءة معاملة الأطفال فى مرحلة مبكرة من الحمل(36) .حيث مشروع قانون حماية الطفل مايزال بإنتظار مبادرة برلمانية . العقبة الكبرى هنا هى الثقافة الحاضرة بقوة بشأن خصوصية الأسرة .
قمنا أيضا بسؤال من راسلناهم ، آخذين فى الاعتبار قيودهم المالية ، ماذا من وجهة نظرهم يمكن أن يحسن من حماية الأطفال في بلدانهم . لدينا فقط مساحة للإختيار من إجاباتهم ، وقمنا بحذف الإجابات القائلة بالحاجة الى المزيد من اطقم العمل والتمويل . الأولوية الأولى والأهم كانت التعليم – " من أجل رفع الوعى العام بهذا الموضوع المحرم أو المحظور الحديث عنه" (باكستان) ، تعليم العامة والجماهير ، معلمى المدارس ، عائلات المرضى النفسانيين وحتى المعالجين الأهليين . ثانياً: كانت تحسين التدريب المهنى ، وبالأخص بالنسبة لأطباء الأطفال ، فرق الرعاية الأولية ، القابلات ، وزوار المنازل والذين يفتقدون في الغالب إلى التدريب الخاص بالصحة العقلية . ثالثاً: كانت الضغط على الحكومات وإقناعها بإدراك أن هؤلاء الأطفال يمثلوا مجموعة ذات تعرض عال للخطورة وحثهم على اتخاذ الأجراء اللازم.
خدمات الصحة العقلية الخاصة بالطفل والمراهق
إن خدمات الصحة العقلية المقدمة لكل من الطفل والمراهق هى أمر هام وضرورى لتعزيز الصحة العقلية فى الأطفال الغير محصنين سريعى التأثر والأكثر قابلية للمرض العقلى . إنها تقدم علاجا لكل الإضطرابات والتى تم تلخيصها سابقا . إن لها دورا فى التدريس والتدريب، التقييم ، الإتصال و التواصل بالوكالات الأخرى ، البحث والوقاية وأخيرا تطوير المبادئ التوجيهية والإرشادات في الممارسة السريرية ، إن فريق العمل المتعدد التخصصات يعتبر هو الأمثل ، مع التركيز على الوالدية ، و الطفل والسياق الأسرى والمجتمعى لحياة الطفل . العديد من أشكال التدخل العلاجى والنفسى تم تطويرها ، بما فى ذلك العلاجات الأسرية ، والعلاجات النفسية الخاصة بالرضيع والأم ، وعلاج إدراكى موجز مناسب للسن والمرحلة الخاصة بتنشئة الطفل ونماءه .
أصبح واضحا فى سياق تحقيقاتنا أن هذه الخدمات نادرا ما تتواجد فى كثير من الدول ذوات الدخول المنخفضة . فى عام 2005 نشرت منظمة الصحة العالمية أطلس لمصادر الصحة العقلية الخاصة بالطفل والمراهق ، بالإعتماد على أجابات من 66 دولة . لايقدم الأطلس تفاصيلاُ لدول فردية ، ولكنه من الواضح أن أغلب الدول أصحاب معدلات المواليد المرتفعة لديها خدمات محدودة للطفل والمراهق . على سبيل المثال ، فإن أوغندا (حيث يولد 1.5 مليون طفلاُ كل عام) لديها عيادتين خارجيتين فى العاصمة كمبالا ، وطبيب نفسى واحد فقط مؤهل للأطفال ، يتعامل بشكل رئيسى مع مرض الصرع والتخلف العقلي و في 37 دولة فإن الرعاية تُقدم من قبل أطباء الأطفال بدون أى إدراج للصحة العقلية في الغالب، حتى الولايات المتحدة الأمريكية لديها نقص فى الأطباء النفسيين للأطفال .
و من أولويات البحوث هو فحص أفضل ممارسات التدخل للمرضى العقليين وأبنائهم ، والتى تكون مجدية ويمكن تمويلها و مقبولة ثقافيا فى البلدان ذوات الدخل المنخفض، هذا قد يشمل دور العائلات الممتدة فى دعم الأطفال المعرضين لذلك وذويهم .
الطريق الى الأمام طويل وشاق . ربما ينبغى أن يبدأ مع تدريب القليل من الإخصائيين العاملين بمفردهم ، ولكن المتاحين للمشورة . يمكن أن يأخذوا زمام المبادرة فى التعليم العام وإستمالة الساسة والضغط عليهم وبإمكانهم إنشاء وحدات نموذجية وبدء البرامج التدريبية . التدريب يمكن أن يكون غير موجه نحو الإخصائيين المستقبليين فحسب وإنما أيضا نحو المهنيين اصحاب الإتصال مع الأطفال – على سبيل المثال الممرضات ، فريق المساعدات الطبية والمعلمين ، والرموز الأخرى بالمجتمع الذين يمكن تجنيدهم لمساعدة الأطفال أصحاب الحاجة .
إن معالجة إحتياجات الأطفال المولودين لأشخاص أصحاب مرض عقلى شديد يتطلب (بالإضافة الى التحسينات فى ممارسة الطب النفسى للبالغين ، ودعم المجتمع للعائلات والأسر والتعاون مع وكالات حماية الأطفال) زيادة فى الخدمات المقدمة لصحة الأطفال والمراهقين العقلية على مستوى العالم.
جدول (1). تقييم موجز للوالدية لدى مرضى مسئولين عن رعاية أطفال
أ- التأكد من ان جميع احتياجات الأطفال يتم تلبيتها
ب- إذا كان هناك مشاكل ، يتم استكشاف المزيد عن :
• نوعية العلاقة
• العنف الأسري
• عدم الانتظام الدراسى
• مشاكل أخرى ، مثل الإهمال بشان السلامة او الصحة ، اوالحماية المفرطة أو قيام الأطفال بدور الوالدين
• اضطرابات الأطفال العاطفية أو السلوكية
• مصادر الرعاية البديلة.
ج – مصادر الدعم المتاحة -- الوالد الآخر ، أوالأسرة الممتدة ، أوالمدرسة أوالجيران أو المؤسسات الأهلية أو خدمات الرعاية الصحية.
جدول(2). الحالة القصيرة توضح تقييم الوالدية (الأبوة والأمومة) والتدخلات في حالة المعاناة من مرض عقلي شديد (في الهند)
أرملة تبلغ من العمر 35 عام تعيش مع ابنها وابنتها، 7 و 9 سنوات. يعيش حماها المسن في الجوار. نادرا ما غادرت المنزل خلال عامين ، وحددت اقامة الأطفال ، واهملت نظافتهم وكان الطعام عبارة عن رقائق بطاطس ومشروبات غازية. وفي نهاية المطاف ، و عندما بدأت تصرخ في اشخاص خياليين يضطهدونها ساعد الجيران حماها لإلزامها بدخول المستشفى.
نتائج تقييم الوالدية :
• الأطفال يعانون نقص الفيتامينات.
• فشلت الأم في استشارة الطبيب عند مرضهم.
• فاتهم 6 أشهرفى الدراسة وليس لديهم زملاء لعب.
• كانت والدتهم صاخبة وغير متوقعة.
• الطفلة الأكبر أخذت دور الوالدين ، واضطرت إلى القيام بالأعمال المنزلية.
الموارد المتاحة :
• ارتباط الأطفال يبعضهم البعض و مع جدهم.
• العائلة الموسعة (التي نفرها سلوك الأم).
• اهتمام الجيران والمعلمين في المدارس.
وكانت خدمة الطب النفسي (الكبار) هي المقدمة لجميع أشكال الرعاية. على الرغم من عدم وجود خدمة اجتماعية عامة ، كان هناك اخصائية اجتماعية ملحقة بالفريق اخذت على عاتقها التخطيط لرعاية الأسرة، بالاشتراك مع طبيب مقيم متدرب
العمل :
• أعطى الجد توجيهات ومساعدات بدنية لرعاية الأطفال. ووافق على ضمان الحضور في المدارس.
• عند ايضاح مرض الأم العقلي ، أصبحت عائلتها أقل أنتقادا ، ووافقت على الزيارة بانتظام، وتابع الجيران دعم الجد.
• تابع أحد المدرسين رصد حضور الأطفال ورفاههم.
• قام الأطفال بزيارة الأم. التى تم ارشادهافى أساسيات تربية الأبناء.
• وحيث ان الأطفال معرضين للخطر من التحميل الجيني ، والإهمال ، ووالدية احادية وطفولة غير مستقرة، فقد تم تحويلهم لخدمة الطب النفسي للأطفال للتقييم والتدخل.
المراجع:
- 1United Nations. Convention on the rights of the child. New York: United Nations, 1989.
- 2Viguera AC, Newport AC, Ritchie J et al. Lithium in breast milk and nursing infants: clinical implications. Am J Psychiatry 2007; 164: 342-345.
- 3Rice F, Jones I, Thapar A. The impact of gestational stress and prenatal growth on emotional problems in offspring: a review. Acta Psychiatr Scand 2007; 115: 171-183.
- 4American Psychiatric Association. Practice guidelines for the treatment of patients with substance use disorders, 2nd ed. Am J Psychiat 2007; 164 (Suppl.).
- 5Germain A. The Christopher Tietze International Symposium: an overview. Int J Gynecol Obstet 189 (Suppl. 3): 1-8.
- 6Mowbray CT, Oyserman D, Zemencuk JK et al. Motherhood for women with serious mental illness: pregnancy, childbirth and the postpartum period. Am J Orthopsychiatry 1995; 65: 21-38.
- 7Diaz-Caneja A, Johnson S. The views and experiences of severely ill mothers: a quantitative study. Soc Psychiatry Psychiatr Epidemiol 2004; 39: 472-482.
- 8Goodman SH, Brumley HE. Schizophrenic and depressed mothers: relational deficits in parenting. Dev Psychol 1990; 26: 31-39.
- 9Reichart CG, van der Ende J, Hillegers MHJ et al. Perceived parental rearing of bipolar offspring. Acta Psychiatr Scand 2007; 115: 21-28.
- 10Pound A, Puckering C, Cox A et al. The impact of maternal depression on young children. Br J Psychother 1988; 4:240-252.
- 11Stewart RC. Maternal depression and infant growth – a review of recent evidence. Matern Child Nutr 2007; 3: 94-107.
- 12Condon JT. The spectrum of fetal abuse in pregnant women. J Nerv Ment Dis 1986; 174: 509-516.
- 13Brockington IF, Aucamp HM, Fraser C. Severe disorders of the mother-infant relationship: definitions and frequency. Arch Women’s Ment Health 2006; 9: 243-252.
- 14Russell GFM, Treasure J, Eisler I. Mothers with anorexia nervosa who underfeed their children: their recognition and management. Psychol Med 1998; 28: 93-108.
- 15Ounsted C, Oppenheimer R, Lindsay J. Aspects of bonding failure: the psychopathology and psychotherapeutic treatment of families of battered children. Dev Med Child Neurol 1974; 16: 447-456.
- 16Rothbaum F, Weisz JR. Parental caregiving and child externalizing behaviour in nonclinical samples: a meta-analysis. Psychol Bull 1994; 116: 55-74.
- 17Larsson H, Viding E, Rijsdijk FV et al. Relationships between parental negativity and childhood antisocial behaviour over time: a bidirectional effects model in a longitudinal genetically informative design. J Abnorm Child Psychol 2008; 36: 633-645.
- 18Weich S, Patterson J, Shaw R et al. Family relationships in childhood and common psychiatric disorders in later life: systematic review of prospective studies. Br J Psychiat 2009; 194: 392-398.
- 19Dipple H, Smith S, Andrews H et al. The experience of motherhood in women with severe and enduring mental illness. Soc Psychiatry Psychiatr Epidemiol 2002; 37: 336-340.
- 20Chaffin M, Kelleher K, Hollenberg J. Onset of physical abuse and neglect: psychiatric, substance abuse, and social risk factors from prospective community data. Child Abuse Neglect 1996: 20: 191-203.
- 21Bland RCV, Orn H. Psychiatric disorders, spouse abuse and child abuse. Acta Psychiatr Belg 1986; 86: 444-449.
- 22Windham AM, Rosenberg L, Fuddy L et al. Risk of mother-reported child abuse in the first 3 years of life. Child Abuse Neglect 2004; 28: 645-667.
- 23Dubowitz H, Newton RR, Litrownik AJ et al. Examination of a conceptual model of child neglect. Child Maltreat 2005; 10: 173-189.
- 24Mullick M, Miller LJ, Jacobsen T. Insight into mental illness and child maltreatment risk among mothers with major psychiatric disorders. Psychiatr Serv 2001; 52: 488-492.
- 25Dube SR, Anda RF, Felitti VJ et al. Growing up with parental alcohol abuse: exposure to childhood abuse, neglect, and household dysfunction. Child Abuse Neglect 2001; 25: 1627-1640.
- 26Ondersma SJ. Predictors of neglect within low-SES families: the importance of substance abuse. Am J Orthopsychiatry 2002: 72: 383-391.
- 27Trickett PK, Mennen FE, Kim K et al. Emotional abuse in a sample of multiply maltreated, urban young adolescents: issues of definition and identification. Child Abuse Neglect 2009; 33: 27-35.
- 28Yates TM, Wekerle C. The long-term consequences of childhood emotional maltreatment on development: maladaptation in adolescence and young adulthood. Child Abuse Neglect 2009; 33: 19-21.
- 29Meadow R. Munchausen syndrome by proxy. Arch Dis Child 1982; 57: 92-98.
- 30Brockington IF. Eileithyia’s mischief: the organic psychoses of pregnancy, parturition and the puerperium. Bredenbury: Eyry Press, 2006.
- 31Brockington IF. Motherhood and mental health. Oxford: Oxford University Press, 1996.
- 32Peadon R, Fremantle E, Bower C et al. International survey of diagnostic services for children with fetal alcohol spectrum disorders. BMC Ped 2008; 8: 12-19.
- 33Jones DPH. Child maltreatment. In: Rutter M, Bishop D, Pine D et al (eds). Rutter’s child and adolescent psychiatry. Oxford: Blackwell, 2008: 421-439.
- 34Reynolds AJ, Mathieson LC. Do early childhood interventions prevent child maltreatment. Child Maltreatment 2009; 14: 182-206.
- 35Olds DL, Sadler L, Kitzman H. Programs for parents of infants and toddlers: recent evidence from randomized trials. J Child Psychol Psychiat 2007; 48: 355-391.
- 36Muhammed T. Child protection in Pakistan. Int J Child Health Hum Dev (in press).
